اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 88
شك الزنادقة في قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}
...
وأما قوله لإبليس:
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] .
وقال موسى حين قتل النفس: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [القصص: 15] .
فشكُّوا في القرآن، وزعموا أنه متناقض2.
فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة[1]. [1] انظر: تفسير الطبري "51/10" وتفسير ابن كثير "352/2".
قال الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النحل: 100] هذه الآية الكريمة فيها التصريح بأن الشيطان له سلطان على أوليائه ونظيرها الاستثناء في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] .
وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على نفي سلطانه عليهم، كقوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [سبأ: 20، 21] الآية.
وقوله تعالى حاكيًا عنه مقررًا له: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [إبراهيم: 22] الآية.
والجواب: هو أن السلطان الذي أثبته له عليهم غير السلطان الذي نفاه، وذلك من وجهين:
الأول: أن السلطان المثبت له هو سلطان إضلاله لهم بتزيينه، والسلطان المنفي هو سلطان الحجة، فلم يكن لإبليس عليهم حجة يتسلط بها، غير أنه دعاهم فأجابوه، بلا حجة ولا برهان، وإطلاق السلطان على البرهان كثير في القرآن.
الثاني: أن الله لم يقل: له عليهم سلطان ابتداء ألبتة. ولكنهم هم الذين سلطوه على أنفسهم بطاعته ودخولهم في حزبه، فلم يتسلط عليهم بقوة؛ لأن الله يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76] وإنما تسلط عليهم بإرادتهم واختيارهم، ذكر هذا الجواب بوجهيه العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى. انظر: دفع إيهام الاضطراب "120/10، 121". وانظر أيضًا: عدة الصَّابرين لابن القيم "ص: 21، 22".
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 88